الجمعة، 21 سبتمبر 2018

اسباب الفشل في اتقان القران

بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب الفشل في إتقان القرآن:
بعد تجربة، وممارسة، وخلطة، وتقص للقصص والأخبار في هذا الميدان العظيم وجدنا أن الفشل في هذا الطريق العظيم يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسة، سنتحدث عنها بالتفصيل؛ عملاً بحديث حذيفة الذي في الصحيحين. -وهو أصل في أحاديث الفتن-، قال : "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني".
وكما قيل:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه* ومن لم يعرف الخيرَ من الشرِّ يقع فيه.
وإليك هذه الأسباب لتتوقاها وتجتنبها:
١) أولاً: الطريقة الخاطئة:
إن كثيراً من الطرق المنتشرة والمعمول بها في كثير من الحلقات والدور والمدارس طرقٌ خاطئة، والخطأ في الطريقة يكون إمّا بإهمال التكرار، أو الربط، أو المراجعة.
ولذا فإن التكرار والربط والمراجعة لا يمكن أن تخلو منه أي طريقة صحيحة لإتقان القرآن، وفي حال عدم توفر واحدة من هذه فاعلم بأنك تسلك الطريقة الخاطئة.
٢) ثانيا: المتابعة الضعيفة:
اعلم أنه مهما كانت طريقتك صحيحة، ولكن دون مُتابع لك أو كانت المتابعة ضعيفة فإن هذا دليلاً على فشلك في هذا المشروع، فلابد لك من شيخ حازم وجاد يتابع سيرك بدقة، وإن الشيخ المتسامح المتساهل لا يمكن أن تستفيد منه في نجاح مشروعك، فإذا رأيت الشيخ شديدًا عليك وحازماً في متابعتك فعض عليه بالنواجذ وإياك أن تبرح ركبتيه فوالله إن الشدة والحزم الذي تراه هو كالدواء المر الذي يتناوله المريض ليصح ويتعافى جسده، فكم أسهر المشايخ طلابهم وكم زجروهم وما أحلى والله تعنيفهم وزجرهم إذا منَّ الله عليك بالقرآن ومن جرب عرف.
٣) ثالثا: الفراغ الروحي:
إن الروح الخالية من ذكر الله والقلب الخالي من تعظيم الله وتعظيم كلامه لا يمكن للقرآن أن يقر فيه.
فاحذر من اعتمادك على قوة حفظك وشدة صبرك وجلدك فإن هذا من  الفراغ الروحي والخلل القلبي، وتأكد تماماً أنك باعتمادك عليه- من دون سؤال الله والتضرع إليه وكثرة ذكره- ستفشل في هذا المشروع مهما كانت خطتك وأياً كان شيخك، بل والله لو وضع بين يديك مائة خطة لإتقان القرآن ومائة شيخ لمتابعتك فثق تماما بأنك ستفشل لا محالة ولا يغرنك نجاحك في البداية فإن الفشل سيدركك في النهاية إذا كنت تعيش هذا الفراغ.
والله لقد رأينا من يحفظ الوجه ويتقنه في ثلاث دقائق ومع سرعة حفظه فهو بطيء النسيان أيضاً، إلا أنه لم يتجاوز بضعة أجزاء؛ والعلة هو كونه يعيش فراغا روحياً، ورأينا في مقابل ذلك من يجلس لحفظ وإتقان الوجه الواحد من بعد صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء ولكنه كان أعجوبة في كثرة البكاء والافتقار والانكسار والابتهال والتضرع والتذلل لله جل وعلا مع لزومه لكثرة الذكر لله سبحانه وفي النهاية أتقن القرآن، بل إننا نعرف أحد الذين أتقنوا القرآن، قد كان ضعيف الهمة محباً للتسويف والكسل، فسألناه: كيف استطعت أن تتقن القرآن بنفس هذه الطريقة الجادة الثقيلة؟ فقال: كنت أدعو الله أن يرزقني إتقان القرآن في اليوم أكثر من خمسين مرة، وكنت لا أقل عن هذا العدد في كل يوم، بل كنت أتجاوز مائة مرة في اليوم الواحد حتى أتم الله علي القرآن في سنة.
يالله!! هذا يعني أنه يقرع أبواب السماء في كل أسبوع أكثر من ثلاثمائة وخمسون مرة وفي الشهر أكثر من ألف وأربعمائة مرة وفي السنة أكثر من ست عشرة ألف مرة.
فالفزع الفزع والفرار الفرار إلى العزيز الغفار آناء الليل وأطراف النهار، قف ببابه ولذ بجنابه وتعرض لنفحاته فلعله يتفضل عليك بجوده وإنعامه، وعليك بآخر الليل فإن الكنوز مبثوثة هناك.
ومع كثرة دعائك لله فلا تنس كثرة ذكره بلسانك مع مواطئة قلبك للسانك والمداومة على ذلك فاحرص على أذكار الصباح والمساء ولا تتساهل بها وأكثر من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" و "حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" فلا يفتر لسانك منهما كررهما في كل وقت وحِيْن، وإياك أن يمر عليك يوم ولم تكثر منهما فإن في هاتين الكلمتين إظهاراً لفقرك وعجزِ حولك وقوتك، وإظهاراً لغنى مولاك وقدرته وحوله وقوته مع ما فيهما من إظهار التوحيد والإخلاص له.
فحصن قلبك بكثرة الذكر فإن غفلت عن ذكر الرحمن تولاك الشيطان "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين" وقال ربنا متوعدا من أعرض عن ذكره "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا.."
وإياك وأمراض القلوب كاحتقار الناس الذين لا يحفظون أو حسد من هو أعلى منك أو حب الدنيا وحطامها وتعظيمها في نفسك فإياك أن يطلع الله على قلبك ويجد فيه شيئا حقيرا فإنه سيحرمك لذة كتابه، وجاهد نفسك على هذا فإنك ستصل في نهاية المطاف "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
وإذا أقبلت على القرآن فلا تلتفت لشيء غيره ولتعلم أنه لا شيء أعظم من الذي أقبلت عليه، وإياك أن تظن أن ثمة نعمة أعظم من  نعمة الهداية للقرآن، ثم إياك أن تشتت ذهنك وتركيزك فلا تنشغل بأي علم غير القرآن ولا تشرك مع القرآن أي علم فإن القرآن عزيز لا يقبل أن يكون معه شريكاً، ولا تسمع لمن يقول: اجمع بين القر آن وغيره، فإن هذه شبهة لإبليس قد صاد فيها كثيرا من الناس خصوصا طلاب العلم لذا فرغ نفسك تماما لأعظم علم عرفته البشرية، وكل شيء تريد أن تناله من أمور الدنيا أو الدين فاجمع قلبك عليه.
وابتعد كل البعد عن مواقع التواصل الاجتماعي"واتساب وتويتر وسنابشات وو" فإنها محرقة للأعمار مضيعة للأوقات.
ولا تظن أني أبالغ فيما كتبته لك بل والله إنني لك ناصح أمين ومحب مشفق. (وستذكر قولتي لك بعد حين)
وأخيرا: يا مشايخنا يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد!
يامدرسي وموجهي ومشرفي الحلقات والمدارس أعيدوا حياة قلوبنا بالقرآن وخذوا أيدينا بالجد والاجتهاد فقد مللنا والله من طول الضياع، نحن أمانة في أعناقكم يوم اللقاء، فشدوا على أيدينا بقوة "يايحيى خذ الكتاب بقوة" نعم بقوة لا بضعف.
وختاما: اضمن لي طريقة صحيحة ومتابعة دقيقة وحياة روحية أضمن لك إتقان القرآن وحياة طيبة وقلبا مطمئنا.
اللهم لا تقطعنا عن القرآن بقاطع، ولا تصرفنا عنه بصارف، ولا تشغلنا عنه بشاغل، واجعله شغلنا آناء الليل وأطراف النهار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق