مقارنة بين قصتي موسى ويوسف عليهما السلام.
*كلاهما بدأت قصتهما بمصر، كلاهما كانا مفقودين، كلاهما تم إلقائهما: أحدهما في الجب، واﻵخر في اليم*
سيدنا يوسف أُلقي في الجب *بيدٍ مبغضة!* ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ﴾
وسيدنا موسى أُلقي في اليم *بيدٍ محبة!* ﴿فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾
*بين كلمتي:*
﴿وَأَلْقُوهُ﴾ و﴿فَأَلْقِيهِ﴾
اﻷولى: تحمل كمية كبيرة من الحقد والكره، والثانية: تحمل كمية كبيرة من الحنان والرعاية.
ﻷن اﻷولى من تدبير البشر والثانية من تدبير رب البشر
*كلاهما عاشا في قصر ذو شأن، أم موسى كانت حزينة عليه وأبو يوسف كذلك*
*بالقصر* الذي سكن به موسى: زوجة صاحب القصر هي من طلبت أن يتربى موسى لديها.
*بالقصر* الذي عاش فيه يوسف: الزوج هو من طلب أن يتربى يوسف لديه.
*زوجة صاحب القصر الذي عاش به موسى* كانت مصدر أمان.
*زوجة صاحب القصر الذي عاش به يوسف* كانت مصدر أذى وقلق له.
*كلاهما تحدث القرآن عند بلوغهما سن الرشد بصيغتين متشابهتين*:
*1_الصيغة الخاصة بيوسف* عليه السلام ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾
*2_الصيغة الخاصة بموسى* عليه السلام ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚوَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
*أم موسى* حكى عن حزنها القرآن: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾
*أبو يوسف* حكى عن حزنه القرآن: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾.
*إخوان يوسف* هم من ألقوا أخاهم وآذوه.
*أخت موسى* هي من بحثت عنه وساعدته.
*عند البحث عن موسى*:
أم موسى هي من طلبت البحث عنه وأرسلت أخته ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾.
*عند البحث عن يوسف*:
أبو يوسف هو من طلب البحث عنه وأرسل إخوة يوسف ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ﴾.
*بداية الفرج ﻷم موسى بلقاء ولدها*: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾
*بداية الفرج ﻷبو يوسف بلقاء ابنه*: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾.
*رب العالمين* أوحى ﻷم موسى أنه سيرد لها ابنها: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾
*رب العالمين* أوحى ﻷبو يوسف أنه سيرد له ابنه: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
*أصحاب القصر* الذي عاش به موسى: عندما كَبُرَ تصادم معهم وطاردوه ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُون﴾
*أصحاب القصر* الذي عاش به يوسف: عندما كَبُرَ تصالحوا معه وقرّبوه ﴿إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مكين أمين﴾.
جميلة هي قصص القرآن لمن يتدبرها
أوجه من المقارنة والمفارقة: (التناظر القصصي) وفيه يتجلى التناسب فوق تراتبية الحدث ومثاله قصة يوسف وموسى. فعلى الرغم من اختلاف سيرة النبيين العظيمين
والفاصل الزمني الذي يفصل بينهما وهو كما تقول المصادر التاريخة يزيد على 500 سنة, واختلاف وجهة الصراع الذي خاضاه. فصراع يوسف صراع أسري بالدرجة الأولى, أما صراع موسى فصراع عرقي ديني. إلا أن قصتي النبيين العظيمين فيهما من الالتقاء والتقطاع والتضاد الشيء العجيب. وسأبدأ من نقاط الالتقاء: كلا النبيين مذ كانا طفلين كانا مهددين بالقتل. فيوسف u اقترح أخوته أن يقتلوه:) ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ ((يوسف:9) ثم انتهى به المطاف إلى أن أُلقي في بئر الماء. وكذلك الحال بالنسبة لموسى فقد كان كباقي من يولد من بني إسرائيل ذكرا محكوم عليه بالإعدام. ثم انتهى به المطاف أن أُلقي في اليم. ومن نقاط الالتقاء أن كلا النبيين –على وجه الحصر- عاشا في مصر من بين الأنبياء المذكورين في القرآن. وأن كلا النبيين عاشا في قصر الملك. فيوسف عاش في قصر العزيز وموسى في قصر فرعون. يوسف حين انتهى به المطاف طفلا في قصر العزيز استبشر به العزيز خيرا وقال لزوجته:)وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشۡتَرَىٰهُ مِن مِّصۡرَ لِٱمۡرَأَتِهِۦٓ أَكۡرِمِي مَثۡوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗاۚ ((يوسف:21) أما موسى فقد استبشرت به زوجة فرعون وقالت:)وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ()القصص:9(. يُضاف إلى ذلك أن يوسف عُرف بعلاقته الحميمة مع شقيقه: بنيامين. كما عُرف موسى بعلاقته الحميمة مع أخيه هارون. فهذان النبيان العظيمان المختصان بمصر والشام في حركاتهما قد عاشا الاغتراب الجزيء عن أهلهما في قصور ملوك مصر. الابتعاد عن الأهل والابتعاد عن الموطن. أما عن نقاط التقاطع والتضاد فهي أكثر وسنوجزها على النحو التالي. كسب سيدنا يوسف تعاطف العزيز ونال من شر زوجته. بينما كسب موسى تعاطف زوجة فرعون ونال من شر فرعون. يوسف رعى الغنم صغيرا في بوادي الشام. وانتهى به الأمر مستقرا في قصر الملك وهو كبير. بينما نجد موسى نشأ صغيرا في قصر الملك وانتهى به الأمر كبيرا وهو يرعى الغنم في بوادي الشام. يوسف حين اشتراه العزيز قال لزوجته (أكرمي مثواه)
موسى حين عثرت عليه زوجة فرعون قالت(قرة عين لي ولك)
يوسف هو الذي أدخل أهله -وهم النواة الأولى لبني إسرائيل- أرض مصر ليستقروا فيها لتخليصهم من حالة البداوة موسى حين عثرت عليه زوجة فرعون قالت(قرة عين لي ولك)يوسف هو الذي أدخل أهله -وهم النواة الأولى لبني إسرائيل- أرض مصر ليستقروا فيها لتخليصهم من حالة البداوة )وجاء بكم من البدو( بينما نجد موسى هو الذي أخرج قومه من مصر قاصدا بهم الشام فلم يدخلوا بيت المقدس أول مرة مع سيدنا موسى وعاشوا مرحلة الترحل البدوية. ومن خطوط التقاطع بين القصتين أننا لا نجد لأم يوسف ذكرا في سياق القصة بينما نجد أباه يُفجع بعد غيابه وتبيّض عيناه من الحزن. وفي المقابل نجد أن أم موسى هي التي تُفجع بسبب غيابه ولا نجد لأبيه ذكرا. ومن التقاطعات السياقية أن قصة يوسف وردت في سياق واحد ولم تتكرر في غيره. في حين نجد أن قصة موسى قد توزعت على سياقات عديدة وقد تكررت غير مرة في العديد السور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق